السبت، 21 مارس 2009

نبتة

أستجدي حرفا ً تائهاً
...أشرع في زراعة نبتته
..في الكف بذور
وذكرى حصاد الصمت
..ألقي ببصري لهطول الغيث
أحلم بملء رمالي حديثاً أخضر
أغرس أقدامي الحافية في الذهب الداكن
بشرارته يرتعش
جدب الأوصال
..تكاد بذوري تتحجر
في انتظار قطراتٍ غائبة
بين ثنايا غيم أعرج
أينما التفت يعترضني لون صاف
زرقته حارقة
...ما من عودة لصوت راحل
حين التحف الفناء حمرة صارخة
تنادي غوثاً
...ما من صدى لصوت الحجر
وبكاء الريح الذابل
ما عاد يغني
لحبات الرمل المسافرة إلى أفق التيه
أينكمش الكون
في عودة حبة رمل إلى نفسها
..أيعود الظمأ
لعرشه فوق رائحة الوجود الأولى
الحرف طلسم مستعص
على الارتواء
أحلق في الماء غوصاً
حتى أبلغ أرضَ الغيم
و أقتلع منها
قطرات بذوري المدفونة
في الماضي المتبخر
الكون يتقشر عن سؤال
يمخر السماء جنوناً
تاركاً دوائر النسيان خلفه
فارغة من العمر
من اللون

فوضى

متى تكف فوضاك عن التوحش نحو الفضاء
لن تصل إلى النجوم .....
هي فقط تزين سماء ذاكرتك المكدسة بصناديقها المغلقة
لا تدلفِ إليها الآن ...الغبار يعلو كل شيء...
الشهيق.. طريق طويييييييييل نهايته عودة محتومة
الأغصان تفاوض السماء عن أسرارها و الطيور تشي
بصندوق فضي تنحى عن بريقه ...لحظة عزوفه عن محادثة الضوء
لا تفتح الصندوق ...النجوم تتربص بك
و الريح ساكنة في خبث
هي مؤامرة كي تطير محتوياته نحو الليل
النافذة تراود ستائرها خلسة
العقل يداعب شرارة تائهة
يعاود إرسالها...خارجه
" إطلق شرارتك..استسلم!! ...النظام محاصر.........بالفوضى!!"

الثلاثاء، 20 يناير 2009

غزة

قضيت الأسبوعين الماضيين أمام الشاشة أتابع ما يتابعه العالم، ستة عشر يوماَ من الغضب و الألم و الفجيعة نددت و كرهت و بكيت مع الباكيين دمع القلب أنهاراً لرؤية الدمار و الدماء ...تعجبت من القدرة الغريبة ....للعجز..هذا الإحساس الذي ملأ الكون فخرج غاضباُ ينادي بوقف الدمار و و قف النزف و تساقط الأشلاء الحية كغيث غاضب من السماء ....ستة عشر يوماً من الصور حتى امتلأت النفس بكل صور الأطفال الممكنة.

كنت أعيب على من يتهربون من الرؤية ..كنت ألوم خشيتهم ...كنت أحسب أن من لا يرى فلن يشعر و كأنه هكذا يخون مع الخائنين و يلوث يديه بدماء الأبرياء تماما كمن لا يصرخ في وجه الحقيقة لأنه لا يراها.

تزاحمت أحداث الحياة و كأنها تخرج لسانها للحرب و الدماء ..تعلن استمرارها المقيت برغم حجم الموت الجاثم على ذرات الهواء حتى تشبع و باتت رائحة الشواء و البارود ممكنة ...أقرب من الصورة. أعطت الحياة ظهرها للحرب و استمرت نكاية في الوجيعة. و تعجبت ثانية من حجم العجز الصارخ في شوارع العالم ...كيف لم يستطع كل هذا العجز الوصول في النهاية لنقيضه من فرط تكثيف وجوده على الساحة العالمية. كيف لا يمكن لإرادة كون ما أن تغير أحداثه ...ألهذا الحد بات الإنسان لا يملك من أمر انسانيته أو دينه شيئاً ....أي صراخ بعد ذلك سيجدي و أي غضب سيعيد للرأس المنكس ارتفاعه و بأي حق يمكن لنا أن بعد ذلك أن نطالب. أي قول بعد ذلك يجدي و ما تزال الأشلاء تسقط فوق أرضٍِ لتزيدها طهارة و فوق رؤوس تزيدها تنكيساً. و جاءت لحظة كنت أخشاها ...لحظة كفت عيني فيها عن البكاء لأنها لم تعد تستطيع الرؤية ...لم تعد تملك عبارتها أو تحتمل صوراً جديدة ...كنت موقنة أن الإنسانية ستنتصر في النهاية ...و لكن أين النهاية ....الأطفال تسقط بلا ثمن

و الأمهات ترمل و الشيوخ يلعنون العمر الذي طال ليشاهدوا أشلاء الأحفاد و أبائهم. كنت موقنة من أنني لن أيأس قبل أن تجف عين الدماء تلك....و لكنني وصلت للنهاية وحدي...نهايتي أنا نهاية احتمالي و بداية تحولي الى حجر أصم يحوطه اللحم و الدم علامة على الحياة. غداً سأسمع الأغاني من جديد و أشاهد الحفلات و الأفلام ...غداً سأضحك ضحكة جوفاء حتى أستمر في الحياة ..غداً سأقيم حفلاً يحضره الأصدقاء إعلاناً لميلاد موتي الجديد...غداً سأتحجر و تحمل عيني معناً جديداً لليأس ...لم يعد لدي أذيال أجرها ورائي و رأسي قطعتها كي لا أزيدها تنكيساً.


12\1\2009

العام الجديد

العام الجديد

سويعات و يبدأ عاماً يقال أنه جديد علينا ....و لا أدري كيف يكون ذلك، فأسماء أشهره كما هي لم تتجدد، و أسماء أيامه كما هي لم تتغير و حتى أرقام بداياته و نهاياته واحدة، أخبار شلالات الدم و نزيفه ستملأ الأخبار صباحاً كما ملأتها الآن.. تدور الرحى بأبناء النسيج المتمزق، هذا الذي تتفتت خيوطه قهراً تحت أقدام العابرين بالتاريخ، متلذذين برؤية نزف دماء الأطفال و الثكلى و الأزهار اليانعة شباباً و صبياناً. ألهذا الحد اعتدنا رؤية الأشلاء و القهر و الجوع. فماذا ننتظر من عام غرته بحور حمراء تغلي بعظام أبدان الصغار و أحلامهم في الغد الآمن.

ستخنقنا القنوات و المحطات بالاستفتاءات عن أفضل مغني و مطرب للعام الماضي، أفضل أغنية، أفضل ممثل و أفضل ممثلة، أفضل مسلسل و أفضل فيلم سينمائي، و قد ينضم للركب أفضل فتوة كذلك. ما من استفتاء عن أفضل قصيدة، أو أفضل شاعر أو أفضل كتاب، أو أفضل كاتب أو أفضل عمل خيري اجتماعي أو حتى أفضل سبق صحفي ..لماذا؟ حقا لا أدري. العام الجديد العام الجديد..بم أتانا هذا العام و أي الأماني سنعلق علي جدران الشهور القادمة ..سننتظر سانتا كلوز بجوال هدايا الغد المصنوعة من البلاستيك الغير قابل للكسر و غير قابل للنمو كذلك! سننتشي بوعود أنفسنا الكاذبة عن التغيير و الأحلام و المواطنة و الحقوق المسلوبة و الوعيد لكل خارج عن قانون الأمنيات المكتوب بحروف الماء الآسن. سنقيم الحفلات و نمني أنفسنا بالمجون عشية العام الجديد، سنقيم الولائم على شرف جثث ضحايا العام الماضي و الأتي و بدء التاريخ. سنرقص هذياناً و سكراً علنا ننسى و لو لليلة تلك الأشلاء التي نخط فوقها مع كل نفس و نتقيؤها مع كل زفير.

العام الجديد...آاااه
وجه يطل على الشاشة يهنئك بالغد الجديد القادم، كأنك لا تعلم بقدومه، يمنيك بالأفلام التي ستملأ ليلتك نسياناً و غرقاً في بحور العسل و الرهبة و الإثارة و الدراما. اللقاء الحصري مع شخصية العام و مطربته الأكثر شعبية، الأكثر تأثيراً في عقلك، الأكثر قدرة على تفعيل الهذيان و النسيان و الأحلام داخلك. تقلب المحطة ...يا للبشاعة
إنها الأخبار المليئة بالحقيقة دون رتوش ....تهرب ...كيف تواجه أخبار هزيمة نفسك في معركة الوجود الإنساني
...ترى الجثث و الدمار و بكاء الثكلى و الأطفال و النساء ...بل ترى دموع الرجال الأشد منك شجاعة و بأساً ...ترى أعينهم تنظر إليك و تشير بأيدي يغطيها الدم و بقايا لحم فلذات كبد الأرض ..قد تبكي عيناك و قد يبكي قلبك.. و قد لا تبكي بل تسب و تلعن ...الشاشة التي عكرت صفوك عشية العام الجديد... أو تلعن نفسك لأنك تنعم بالعام الجديد و هم في نفس العام منذ بدء دهور النسيان ...و قد تقلب المحطة بكل برود..لقد اعتدت الأخبار منذ أن كنت طفلاً و لقنتك أمك كيف تبتلع أقراصاً ضد اللوم ، ضد الذنب، ضد وجودك فأنت حقاً جزء من ترس متناهي الصغر من تروس الحياة ....و ماذا بيدك لتفعله للعالم بتروسه الأكلة للحم البشر الداهكة لعظامهم المستعصية على البلع بعكس أقراص أمك السهلة التي تعرف طريقها لجوف حلقك ببعض الماء.

تتوالى أمنيات العام الجديد...
- سأكون أكثر حرصاً على مالي ...العالم يخسر ماله في عشية و ضحاها
-أتمنى أن تحبني
- في العام الجديد سأكون أكثر اقتناصاً لفرصة البيع في المزاد...لن أترك مزاداً يهرب من يدي
- سأكون أكثر تقرباً من الله...لقد آن أوان ذلك
- سأقبل على الحياة و أكون سعيد مهما كلفني ذلك
- سأعطي معلمتي الهدية التي صممت أميا على شرائها حتى أضمن نجاحي هذا العام
- سأقبل على زوجتي فلأعطيها جزءاً من وقتي بعد العمل ..لقد قصرت في حقها
- أتمنى أن يعم السلام العالم!
- سأخلص لزوجي هذه المرة
- أتمنى أن أجد وظيفة
- أتمنى ألا أخسر الرهان على حبك
- لن أكذب عليك يا أمي ثانية
- ليت الحروب تنتهي و نعيش كلنا في سعادة
- أتمنى أن يصدق أبي و يشتر لي الدراجة التي وعدني اياها
أتمنى أن أهاجر هذا البلد المقزز
- لن أدع ليلة من المتعة تفوتني لم أزل صغيراً على الألم
- أتمنى أن يحدث في العام الجديد تفعيل للقوى الديمقراطية في البلاد
- أتمنى أن أكف عن السجائر و شرب الشيشة
- أتمنى أن تصل القوى المتناحرة إلى اتفاق يقرب من وجهات النظر نحو مستقبل أفضل من أجل الحرية و المساواة والتآخي ففي النهاية نحن أبناء أمة واحدة......الخ
- أتمنى أن أضع طفلة لأسميها جيجي
- أتمني أن أنجح هذا العام و أجتاز الاختبار اللعين
- أتمنى أن ينتهي العالم
أتمنى أن أقضي إجازتي في استرخاء تام

و أنت ...ماذا في جعبة أمنياتك ؟
أتتمنى أن يتوقف القتال في غزة و تحل القضية الفلسطينية و العراقية و الإسلامية و السودانية و الديمقراطية و الاقتصادية و النفسية و العربية و الفكرية و النقدية و الاجتماعية و العقدية و الإرثية و الشعبية و العمالية و النسائية و الجهادية و الإرهابية و التراثية و ال......وجودية؟

أرأيت .....هذا العام الجديد قديم جداً قدم بدء دهور النسيان و العتمة و الألم

27\12\2008

الزجاج المتكسر




أخيراً...

أسندت رأسي المترنح

رفعت عيني ....

فها هي الفرصة تسنح

كي أنظر للسماء العالية

ها هو الشجر يلامس عنانها

و ها هو النسيم يداعب عليائها

تتمايل.....

ترفص رفصة باكية

أسراب الطيور ....

تحلق في تؤدةٍ

قلمُ يرسم بصفحاتها

تذهب ....

و تعود....

كأرجوحةٍ خالية

لوحاتٍ متحركة

علي أقمشة السحب الخاوية

...أستنشق الهواء ....

أطلقه زفيراً

وآهٍ تالية

يلامس النسيم

ملامحي الخاشية

يمحو ما بها من آثار

و ما أمر به كل نهار

أحرر قيود يداي

رقبتي ... و قدماي

أرفع الحمول عني

أسكن جاثية

أضع جانباً السلاسل

أنزع القناع كذلك

أستمع لموسيقي نفسي

تنساب في سكينتي

ألملم ما تناثر مني

في أجواء حياتي

قطع صغيرة زجاجية

حادةُ .... شديدة الشفافية

تكسرت عند إرتطامي

بالصخرة القاسية

لامعة....

علي الأرض ساكنة

قطعة تعكس صفاء السماء

و أخري ...

تعكس شمسُ ...

بحر هادئ

و لحظة غروبٍ حانية

قطعة بها ملامحي

وأخري صفحة ماءٍ صافية

صورةُ مع الأصدقاء

إبتسامةٌ راضية

كلمات ....و حروف

و هذه بها أسراري

و أحاديثي الخافية

و تلك بها وجه أمي

و خطوط وجهها

أسفاري ....

ذهابي ....

عودتي.....

و أوتاري الشادية

أجمعها ...

فتجرح أناملي

أيا طيور السماء

أعينيني....

تبدين لي حانية

دعينا نلملم

شرائح الزجاج

ننسقها .....

نلصقها .....

نمحي الشقوق الواهية

لا.. لا تهمسي

لا تقولي ....

أن ما تكسر.....

لا يلتحم ثانية

لا تحلقي بعيداً...

يا طيوري ...

مني ... لا تيأسي

أغنية الأمل



أين أنا .......

ماذا أنا .....

ماذا كنت ؟

و ماذا سأكون غدا ؟

أعيتني أحمال الطريق

فهل وصلت ؟

كلا ...ما هذا إلا مفترق

يليه مقترق

يليه مفترق آخر للطرق

فأيهم للمتاهة

سأسلكه أنا

و في النهاية هل أصل

أم أظل ها هنا

أعدو بتلك الدائرة

أنظر حولي

فأنهل من رحيق الكون

و أنشر رذاذ العبير

بل و أغني

أغزل أحلام عمري

نسيجاً من التمني

تحثني لوثتي على الصراخ

والهروب إلى المراعي

وسكون الفلا

ولكن ........

لن تكون تلك أنا

أنا .......الآن

ليست كأنا منذ زمن

و ليست من ستكون أنا غداً

و هناك عند خط الأفق

قد أجدني....

و المصير مني دنا

و بلغت ذروة المحتوم

فهل يعلم منكم من أكون ؟

أغربة ذاتي ما أعاني

أم صحوة عقل مجذوب

و دقات الساعات

غربة بالوطن المسجون

وأنا بأحشائه

جنين ينتظر المخاض

ينتظر الحياة

ينتظر مولد النجاة

يخدعني الأمل

يأتيني سعياً

ولم أناديه يوماً

و سرابه

يرسم الأماني

بالورود

يلون أجنحة الطيور

وينثر النجوم

في سماء ملبدة

بالرعد و الغيوم

يناديني الأمل

أنظر .....

ثم أستجيب

و له أغني من جديد

يرتفع لحني

فوق سحب المحن

ليصل إلى القمر

يرسله ألواناً للفضاء

للكواكب

و الشهب

تردده الجبال

و غاباتها

جريان الأنهار

و خرير مياهها

تغنيه الفراشات

بالسحر

ثم .....

يهجرني الأمل

يخفت اللحن مني

يخبو و يختفي

أحاول الشدو لكن

الأوتار لا تصلني

مازلت جنيناً

بأحشاء الوطن

مازلت أسأل

سأسلك أي مفترق

أين أنا

و ماذا سأكون غداً

مرارة القهوة

اسكب حبات السكر في فنجان قهوتي..أحركه في دوائر سوداء....كيف يراني من حولي

دونك...كيف يقرءوني، ألا تشعر بتحطم أمالي فوق صخرتك؟ كم دفعتها بعزم الشهب..ناديت

دهراً ولم تجب..سرت نحوك حتى ملتك قدماي ..و توقفت... حتى أعود أدراجي كي أمحو كل

خطواتي نحوك، كي أعود إلي بداية أنت لست فيها، و لكن هيهات، فكل الدروب خلفي تغيرت

معالمها..و كل البدايات محتومة المصير مدانة ...ما من ولادة جديدة للأمل ....سجنني

الطريق...تتقدم نحوي ...تعبر خلالي كأنني هيكل من الضباب المتجمد، كيف صمت أذانك عن

صراخي، سيدي، بل كيف صم قلبك...، سأظل متسمرة حتى يحدثني القدر عن فحوي همسات

صمتنا الأبدي..الآن... يملأني الوجود بالخواء و القفر، قلبي يمتلئ أحجاراً من الأماني البالية تعلو

عنان دمائي، لا أملك الرحيل... و لا أملك العودة، فلتتلو التسابيح علي القيد المقدس و نقيم شعائر

البقاء بطلاسم ألسنتنا السرية ...و ندور في حلقات الزمن المتوقف لنحفر لنا مبيتاً تحت أرض

الطريق، نمتص أشواكه و ننبتها بنفسجاً دامعاً يخطو فوقه العابرون.

أتوقف عن تقليب قهوتي..أحتسي مرارة أفكاري حتى النهاية...هل أتيت....؟؟!! كم جئت متأخراً